الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لم تمت «شارل إبدو» وضربت صورتنا في مقتل

لا تختلف مشاعر الصدمة لدى الفرنسيين اليوم بعد مجزرة «صحيفة شارل إبدو» عن صدمة الأمريكيين في الـ 11 من سبتمبر 2001، فحرية الرأي والتعبير في فرنسا من المقدسات الإنسانية التي من المستحيل المساس بها. في هذه اللحظات الصعبة التي تضرب صورة الإسلام في الصميم، يظهر فينا أسلوب تفكير لا يمكن وصفه بأقل من أنه بشع، فكالعادة أمام كل كارثة نحاول بشتى الطرق تصديرها إلى غيرنا بدلاً من مواجهتها. فمن يتابع شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المقالات التي نشرت في الصحف العربية منذ مجزرة صحيفة «شارل إبدو» سوف يرى كماً هائلاً من التأكيد على أن هذه المجزرة يقبع خلفها الموساد أو الاستخبارات الأمريكية وربما الفرنسية لزيادة العداء ضد المسلمين. هذه الأجهزة قد فعلت الكثير مما لا شك فيه، لكننا الآن أمام عملية إرهابية أبطالها محترفون ومدربون على أعلى مستويات التدريب، وهم فرنسيون من أصل مغاربي، ولدوا على الأراضي الفرنسية وعاشوا عليها، فلماذا لا نواجه الحقائق؟ والسؤال الذي يطرح نفسه على الجميع الآن: لماذا يتطرف هؤلاء كما بعض الأوروبيين؟ في بلادنا نسارع بالقول إنه القمع والفقر والمرض والمسافة الكبيرة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء في بلادنا، مما يجعل الصغار يشبون على الحقد والغل والكراهية، وبالتالي تسهل استمالتهم. نحن في فرنسا أمام واقع مختلف، فالأسباب السابقة لا تنطبق، فلماذا يتطرف هؤلاء؟ أين علماء الاجتماع والنفس على مستوى العالم سواء الغربي أو العربي؟ ماذا فعلوا ويفعلون، وأين هي دراساتهم ونتائجها؟ كيف لم تدرس هذه الظواهر بكل جدية وحيادية حتى الآن؟ هناك استحالة كبرى أن نستمر في التعامل مع ما يحدث منذ عقود طويلة، بمنطق أن ولدي رائع ومهذب لكن صديقه هو من أفسده، فهذا منطق يحيل الحقائق إلى مهازل. إن بعض رجال الدين في بلادنا وفي الخارج مقصرون إلى أقصى حد، لهذا نحن في خطر حقيقي، فالنتيجة التي لا يمكن إغفالها، هي أن صحيفة شارل إبدو سوف تغادر المشفى قريباً، وأن الصحيفة قد استمدت عمراً وشهرة إلى أجل غير مسمى، في الوقت الذي أصيبت فيه صورة الإسلام في مقتل، ألا يستدعي هذا منا تحركاً حقيقياً من أجل إسلامنا؟ [email protected]