الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نحن نشهد ولادة جديدة

لست أول من يشبه عهد الملك سلمان بانطلاقة «الدولة السعودية الرابعة»، لكني حتماً بت مؤمناً بأننا نشهد ولادة دولة جديدة، فيها بعض الجينات من أسلافها، لكنها دولة ذات ملامح وصفات جديدة، مستقلة، ومختلفة. أول الفروق أنه، ولأول مرة منذ عقود طويلة، بات بإمكان السعوديين والعالم بأسره التحدث عن المملكة دون أن يتبادر إلى الأذهان السؤال البديهي المتعلق بمن سيخلف، فالتغييرات الأخيرة المتعلقة بتحديد ولاية العهد، وإن كانت مفاجئة للوهلة الأولى، إلا أنها تضمن الثبات والاستقرار لما لا يقل عن نصف قرن على أقل تقدير، حيث يصغر ولي العهد الأمير محمد بن نايف (55 عاماً) الملك سلمان بـ25 عاماً، فيما يصغر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (30 عاماً) الأمير محمد بن نايف بدوره بـ25 عاماً. الأمر الآخر هو أننا نتحدث عن طريقة إدارة جديدة تسعى بالفعل إلى تنفيذ الأمور بشكل مختلف، ووفق تصور بعيد عن الصورة النمطية للمملكة .. وهذا من حقها، ومن حقها علينا جميعا أن نمنحها الوقت لتحقيق النتائج المرجوة، دون أن «نطبل» لها فهذا ليس ما تريده الإدارة منا، ولا أن نتوجس من هذه التغيرات بعد أن كان الكثير منا من أشد المنتقدين للبيروقراطية والبطء في اتخاذ القرارات. ما يبدو أيضاً هو أنه في الدولة السعودية الجديدة، وتحديداً في الوزارات الخدمية، هناك تشديد على ما يخص حقوق المواطن، مهما كانت خلفيته أو معتقداته. وقد شهدنا حالات تصرفت فيها الإدارة الجديدة بكل حزم مع مسؤولين، سواء كانوا أمراء أم عسكريين أم شباب، لم يؤدوا مهماتهم الموكلة إليهم بخدمة المواطنين، أو أخطؤوا بشكل عنصري بحق طيف من أطياف المجتمع. خارجياً، يبدو أن الدولة الجديدة تمد راحة مفتوحة من جهة، حيث أعادت استقطاب أطراف عدة لم تكن العلاقة بينهم وبين المملكة على ما يرام لسنوات، وتمد قبضة من حديد من جهة ثانية، كما بات جلياً في التعامل مع الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن. يبقى هناك مواضيع عالقة نأمل أن تطالها سلسلة القرارات السريعة: فملفا تطوير القضاء وتوفير الإسكان هما في غاية الضرورة، في حين يعد تنويع الاقتصاد السعودي والابتعاد عن الاعتماد الشبه كلي على البترول أمراً مهماً واستراتيجياً. ويبقى موضوع المرأة، التي استهل الملك سلمان عهده بدعوتها لتبايعه علناً، لأول مرة وهو ما شاهده العالم على شاشات التلفزيون، موضوعاً يتطلب الاستمرارية في التعامل معه، حيث من الضروري أن تستمر المملكة على نهجها في مجال منح «نصف المجتمع» المزيد من الحقوق وفرص العمل. [email protected]