الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

خصوصياتنا المنتهكة

لا ننكر أهمية منظومة التواصل الحديثة في حياتنا، وضرورتها، والامتنان لخدماتها الجليلة في ربطنا بمحيطنا بشكل أو بآخر، وتقصير المسافة بيننا وبين الآخرين، من أهل ومعارف وأصدقاء، ولا في توفير الجهد والوقت في تخليص جُل معاملاتنا عبرها وبكبسة زر. لن أتطرق في رمستي لقضايا الجرائم الإلكترونية، بمختلف أشكالها، والتي باتت من مؤرقات حياتنا العصرية، وأخطرها على الإطلاق التحرش الجنسي بالأطفال. على الرغم من الخدمة المرفهة التي نتحصل عليها من خلال تلك التقنيات المتقدمة، ومهما اتبعنا من تعليمات لضبط إعدادات الخصوصية لتلك الوسائط، يبقى هناك قلق ما من مغبة اختراقها. فمن المؤسف جداً أن لكل واحد من تلك التطبيقات برنامجاً يمكِّن من اختراقه، فعلى سبيل المثال، تجري حظراً لأحدهم على هاتفك الجوال أو في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، لتمنعه كلياً من متابعتك وحجب حسابك الخاص عنه تماماً، إلا أنك تفاجأ من خرقه لذلك الإجراء عبر برامج هكر «وكأنك يا بوزيد ما غزيت». هذه الإشكالية التي استطاعت أن تخترق كبريات الشركات العالمية وأرصدة بنكية، وتنفيذ جرائم سطو بكبسة زر من خلال برامج فتح شيفرات تلك المواقع، هي معضلة حقيقية ما لم يتم إشراك هيئة الاتصالات في ضبط ومراقبة تلك المواقع، إضافة إلى تبليغ المتضررين من تلك الاختراقات، لتحجيم ظاهرة الجرائم الإلكترونية وتطويقها قدر الإمكان. أخيراً، هناك تطبيقات متوفرة عبر أجهزتنا الذكية، كانت في ما قبل من اختصاص الأجهزة الأمنية، مثل برامج التتبع عن بُعد، والكثير من التطبيقات التي يتفنن خبراء التقنيات الحديثة وتزويدها عبر تلك الوسائط، في حقيقتها، هي ليست برامج حماية بقدر ما هي وسائل لاختراق خصوصيات الآخرين وقض مضاجعهم وابتزازهم أيضاً. بخاصة أن هناك فئات مدمنة وسائط متعددة، شغلها الشاغل امتلاك تلك البرامج للسيطرة على الناس، واختراق معلوماتهم وحياتهم الخاصة. تقنين تلك البرامج قانونياً وتجارياً، لضررها، ليس فيه أي تقييد لحرية المستخدمين، بل على العكس، هو إجراء فيه حماية للمجتمع من فئات مريضة تفتقد لأي وازع قيمي يضبط استخدامها لتلك التطبيقات، وسيلتها الوحيدة للترفيه في الحياة التلصص، فلن توفر أي حيلة لانتهاك خصوصياتنا والتعدي على حرياتنا وحرماتنا! [email protected]