الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

موعدنا مع «الفارس»

من خلال إقامتي في العاصمة الإيرلندية دبلن ثلاثة أعوام. كان من أكثر الأمور التي لفتت انتباهي في المشهد الثقافي لهذه المدينة العريقة هو الحضور اللافت للمسرح، ليس بوصفه متنفساً لقاطني العاصمة وزائريها فحسب. فإضافة إلى كونه عامل جذب سياحي، هو كذلك أداة تأثير في تشكيل الوعي الجمعي خصوصاً عند عشاق هذا الفن التاريخي الأصيل. ليس غريباً أن يضاهي عدد إعلانات المسرحيات في شوارع دبلن عدد بوسترات الأفلام السينمائية. على الرغم من كون المسرحيات المعروضة غالباً تجتر نصوصاً لعروض مسرحية تاريخية لشكسبير وسواه من فطاحلة الأدب الإنجليزي والروسي وسواهم. المسارح هنا تنتشر بسلاسة بين المطاعم والمقاهي والأسواق، وأستطيع أن أستشف بوضوح أن الإيرلندي لا يصطحب أسرته إلى المسرح ليستمتع فقط بل ليتعلم! ليضيف لرصيده المعرفي والثقافي. والحال ذاته ينطبق على مسرح الطفل الذي يملأ هو الآخر حيزاً ثقافياً مهماً ويسد فجوة تربوية جديرة بأن تؤخذ في الاعتبار. وفي ظل ما سبق، كنت دائماً ما أتساءل عن حال المسرح العربي؟ ذلك الذي نعى حاله كثيرٌ من المسرحيين العرب. لكن يبدو أننا أمام تجربة جسورة تريد بث الروح من جديد في الكائن الحاضر الغائب المسمى «مسرح». هكذا تماماً تلقيت قبل عدة أيام النبأ الذي كشف عنه «براند دبي» الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، وشركة «الرحباني للإنتاج» .. حول العرض المسرحي الملحمي «الفارس» المستلهم من قصائد سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. أشعار سموه لا تحتاج إلى شهادة حول ما تحمله من قيم عربية أصيلة نبيلة نحن أحوج ما نكون كجيلٍ لننهل من معين حكمتها .. اليوم. ناهيك عن الرؤية «الرحبانية» ذات التجربة الموسيقية الباسقة والراسخة في أذهاننا منذ زمن وديع الصافي والسيدة فيروز وحتى يومنا هذا. لعل ما يدفعني للتفاؤل بهذا العمل ما ذكرته منى غانم المري المديرة العامة للمكتب الإعلامي لحكومة دبي من أن الاستعدادات تجري على قدمٍ وساق لتقديم هذا العمل الإبداعي الكبير ليسجل علامة جديدة في تاريخ الأعمال المسرحية المتميزة، ليس فقط في دولة الإمارات ولكن على مستوى المنطقة. وهو ما ذكرته أيضاً بطلة العمل الفنانة بلقيس فتحي عبر حسابها في تطبيق «سناب شات». بلقيس ستقف للمرة الأولى أمام بطلٍ مسرحي آخر هو الفنان غسان صليبا الذي نتذكر هنا تحديداً أداءه الرائع في مسرحية «المتنبي» أمام الفنانة كارول سماحة قبل سنوات عدة. وهكذا فكل المؤشرات تدل على أننا في يناير المقبل على موعدٍ مع عملٍ يستحق الانتظار والمتابعة. حقاً نحن في حاجة لإعادة «أبي الفنون» كي يتبوأ مكانه الطبيعي على خارطتنا الثقافية. والأهم هو أن يصبح هذا الفن حاضراً على مدار العام. مسرحٌ غير تهريجي، عميقٌ في جوهره ومضمونه، يحاكي ويخاطب في آنٍ جميع شرائح المجتمع وفئاته العمرية وطبقاته الاقتصادية ومستوياته الثقافية. دعونا نتفاءل بأن يكون ٢٠١٦ بداية صفحة جديدة في كتاب المسرح العربي.