الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الأرض اليباب

تعبنا وهرمنا ونحن نردد الفرق بين الأدب والكلام العادي اليومي، شاب شعر قلوبنا وأرواحنا، ونحن نشرح هذا لكل الراغبين في ولوج عالم الأدب، ولكننا اكتشفنا أننا كنا نكلم الرياح الصماء، والجدران التي لا سمع لها، فمازال حتى اليوم من يشجع ويقف وقفة أبٍ وأمّ وراء كل قلم يكتب كل شيء عادي وينشره باسم فن أدبي. ما زالت دور النشر تنشر ما يشبه الدود الميت في الأرض الميتة، باسم الرواية، ومازال هناك منظّرون ينادون بأن الرواية بلا قيود ولا قوانين ولا قواعد، وما هي إلا قول المرء ما يريد قوله، دون النظر إلى أنها أدب، ولكل فن أدبي قوانينه، وهذا ليس أمراً خاصّاً بالشعر فقط، ويعارضون كل متخصص يعارضهم. ما زالت الأقلام الشابة متمردة ومصرة على موقفها، وإن جاءتها المعارضة ممن هم أعلم منها في مجال كتابتها، ومازال النقاد يصرخون بلا فائدة، والأدباء يبكون بلا فائدة، والقلوب تحترق بلا فائدة، وكل الأماني أن تحترق كل تلك الكتب التي بالتأكيد لن يخلدها الزمن لأنها لا تقدم أي جديد، ولا أي مدهش يجعلها مقبولة لأزمان، ستكون مقبولة الآن من الثلة الصغيرة الكثيرة، فقط الآن. لمن نوجه العتاب؟ لأفكارنا التي لا تقبل كل هذا؟ لدور النشر التي لا تهتم بالذائقة وتدمرها بلا حسيب ولا رقيب؟ لجهة الرقابة الأولى في الدولة والتي تمررها كأنه من الجائز أن نؤذي الأرواح التي تتوق إلى الجمال بكل هذا الكم من الإصدارات ذات الأغلفة البراقة والمحتوى الفاسد؟ للجمهور الذي يتهافت على قراءته؟ ثم، لماذا علينا أن نوجه العتاب؟ لماذا لا نصمت، وننظر ماذا سيحصل في المستقبل لأمة أول وأعظم كتبها فيه من الإبداع ما يشجع على الإبداع في كل شيء وليس في اللغة؟ ربما هي موضة، موضة يجب علينا الرضا بوجودها، كموضة الأغاني التي صارت تهتم باللحن الراقص على حساب الكلمات، كعبايات العرس التي أصبحت تلبس في المراكز التجارية والجامعات، ربما هي كذلك، ولكن، هل علينا الرضا بوجودها حقّاً؟ فقط أقول: صبرٌ جميل والله المستعان. [email protected]