الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

شوارع تنطق إبداعاً

 اكتسب فن غرافيتي في الإمارات بعداً جديداً بتشكيل خمسة شباب فريقاً فنياً أطلقوا عليه اسم «فنانو الغرافيتي الإماراتي»، نجحوا في التعبير عن الهوية ومزج الفن بالبيئة، والإبداع بالتراث، وتنفيذ جداريات تزين الشوارع والمراكز التجارية وتواكب الاحتفالات والمناسبات، ومن بينها أطول جدارية في دبي، التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية في عام 2014، بمناسبة اليوم الوطني. ويتألف فريق الفن وغرافيتي الإماراتي من وصال آل علي، فاطمة الحمادي، ملك إبراهيم، محمد الجنيبي، عادل الحوسني، وتأسس منذ نحو عام ونصف العام، وأصبح رقماً مهماً في معادلة الإبداع الإماراتية. جداريات تستلهم البيئة والتراث، السدو وبيت الشعر، النخيل والطيور ورمال الصحراء وكثبانها تعزف مع الريح موسيقى الخلود في أفق صامت ولكنه فصيح، خراريف وأساطير، جمال ونوارس وأهازيج ويولة وشلات وبيئة كأنها السحر والإبداع والجمال. وزينت مشاريع وجداريات فنانو الغرافيت الإماراتي، جدران مؤسسات حكومية ومراكز تجارية في مناسبات واحتفالات عديدة، في أعمال انحازت للهوية واكتست بالأصالة وغُلفت بالإبداع. وتشير الفنانة فاطمة الحمادي إلى أن أطول جدارية نفذها الفريق كانت بطول 100 متر في عام 2015 في عجمان، بمناسبة انعقاد مؤتمر التخطيط العمراني، أما أصغرها فلم يتعد طولها 8 أمتار فقط. وتتميز هذه الأعمال بحسب فاطمة الحمادي بأنها لا تتأثر بالعوامل الجوية، ويمكن أن تبقى مدة عشر سنوات تنثر الحسن والجمال، وتثير التساؤلات وتلهم الخيال، وتسر عيون المارة والناظرين. وعن الصعوبات التي يواجهها الفريق نتيجة استخدام بخاخات ألوان ما يؤثر على التنفس، تفيد الحمادي بأن الفريق يستخدم ألوان الإكريلك من بخاخات صديقة للبيئة، مع الاستعانة بأقنعة «ماسكات» صحية على وجوههم. وتبتسم الفنانة الإماراتية وهي تتذكر نظرات الاستغراب التي يوجهها الناس، وهم يشاهدون إماراتيات بالملابس التقليدية يرسمن وينفذن أعمالاً خارجية، ويصعدن سلالم وينفذن العمل لساعات طويلة في أجواء غير ملائمة في معظم الأحيان، ما يدفع البعض للتساؤل حول ما يدفعهن لتلك المعاناة، رغم أن لا معاناة مع الفن كما تنوه الحمادي. وعن أسعار الأعمال الفنية، تجيب الحمادي بأنها تتحدد بحسب المساحة، وطبيعة الموضوع ونوعية العمل، مشيرة إلى تكلفة الإنجاز المادية، لأن سعر البخاخ للون الواحد لا يقل عن 40 درهماً، مع الأخذ بعين الاعتبار شراء الدرجات اللونية المختلفة منه. من جانبها، تعترف الفنانة ملك إبراهيم بصعوبة العمل في بداية الأمر، لكن الفريق اعتاد عليه شيئاً فشيئاً، وتطورت أيضاً نوعية الأعمال وأخذت بعداً فنياً متميزاً وجرأة أكثر، وتماساً أكبر مع البيئة بكل مفرداتها ومشاهدها. وتحرص ملك على مصاحبة الفريق والمشاركة في الأعمال المختلفة، يساعدها على ذلك عملها مهندسة ديكور وهوايتها للرسم ودوامها الجزئي، لأن الجدارية الواحدة يتطلب إنجازها ما بين أسبوع إلى أسبوعين، وبمعدل لا يقل عن خمس ساعات يومياً. وحول الفرق بين إنجازها للوحات الفنية الصغيرة وبين أعمال الغرافيتي، توضح الفنانة وصال آل علي «الفرق شاسع، فالعمل الغرافيتي يتطلب جهداً عضلياً ووقوفاً لساعات طويلة على السلالم، مع التعرض لرذاذ الألوان المتطايرة رغم استخدامنا (الماسكات الصحية)، لكنني أجده أكثر متعة من حيث تفاعل الجمهور معنا». وتبدي وصال سعادتها لأن الغرافيتي فن تفاعلي تتبين فيه رأي الناس خلال التنفيذ مع الناس، بعكس العمل على اللوحة العادية الذي يتطلب انعزالاً وتفرداً مع النفس دونما رقابة ومتابعة من الآخرين.