الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العلم وخبز الحياة

منذ بدايات التاريخ البشري افتتن الإنسان بالحياة، وبدراستها، والتأمل في مغزاها، ومن الناس من يراها غامضة جداً إلى حد أنها ساقت إلى جميع التأويلات الدينية الممكنة، وغالبية بني البشر معتقدون وجازمون أنها أي الحياة لا يمكن أن تكون إلا من خلق إله عظيم. وتمثلت الدراسات العلمية الأولى المتعلقة بالحياة أو ما عرف بعلم البيولوجيا في تصنيف الكائنات الحية فوضعت النباتات في جهة والحيوانات في جهة ثانية، وأول من وضع هذا التصنيف هو السويدي «كارل فان ليني» أستاذ في جامعة أبسالا عاش بين عام 1707 إلى 1778، وكان ابن قس متدين جداً، وكان يكتب ويناجي الله قائلاً (كل ما خلقته يحمدك يا الله من بداية الكون إلى النهاية) ومن بعده أتى عالم الطبيعة الفرنسي جون باتيست دي لمارك الذي أطلق فكرة التطور البيولوجي وقد توفى عام 1829 وخطا خطوة حاسمة ورسّخَ كلمة «بيولوجيا» وأشار علمياً إلى أن التركيبات الكيميائية في الحيوان وفي النبات متقاربة، وأن الحيوانات والنباتات تشترك في كونها تتغذى وتتطور ثم تموت، وفي كونها تتوالد وتتكاثر، ومن أفكاره تداولت الأجيال تباعاً المشعل الغامض الخالد الذي يسمى «الحياة» والتي شبهها البعض بأنها مثل الشعلة الأولمبية التي يتداولها الرياضيون، فيسلمها الواحد إلى الآخر وهي لا تنطفئ. وجاء العالم المشهور لويس باستور الذي توفى العام 1895 وكان قد وضع للعالم والبشرية مساهمتين أساسيتين شهدتا بدوره العلمي الباهر، إحداها ولادة البيولوجيا الجزيئية التي بين فيها أنه لا وجود للتوالد الذاتي في المادة الحية وأن كل مادة حية متأتية من مادة حية أخرى، وأثبت أن الله هو مصدر الحياة ومانحها، ويعد باستور هو مكتشف البكتريا ومن ضمنها الخميرة التي صارت مصدر خير كبير، إذ يتغذى منها ملايين البشر من خلال تناولهم لها في الخبز الذي يتعاطونه يومياً على مدار الساعة، ومن منا لا يستطعم بالخبز يومياً ويصنع بسكويتاً أو غاتو، وكانت مساهمة باستور الثنائية هي وضعه علم المناعة ولا شك أن آليات جهاز المناعة في الإنسان تمثل واحدة من أعظم وأدق الأنظمة التي ينهض عليها الأحياء، وقد أسهمت اكتشافات باستور إسهاماً فاعلاً في حياة البشرية، وزادت من أهمية علم الأدوية وعلم الكيمياء في معالجة الأمراض المعدية، فيا لهم من علماء ويا لهم من أخيار صانوا ونفعوا البشرية بعلمهم وفكرهم ومثابرتهم.