السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

البصل والبترول

محبو البصل وإخوانه من الخضراوات التي تشبهه يعلمون تماماً أنهم وبعد وجبة دسمة مملوءة به سيدفعون الثمن نوعاً ما، فالرائحة النفاثة التي سيخلفها هذا النبات الحار في فم صاحبه ستجعله يعيد حساباته، قد يتخلف عن حضور موعد مهم، أو عن الاستمتاع بالذهاب إلى حفل ما. خلاصة الأمر أن تناوله سيقيد يومه إلى حد كبير، ونشاطاته في ذلك اليوم ستكون غالباً محدودة وبسيطة، بالأحرى، سيجرى ترتيبها وفقاً للكمية التي تناولها! بعض المحبين لهذا النفاث أوفياء جداً، إنهم يتناولونه بشكل يومي وبكميات تكفي لإعاقة جدول يومهم بأكمله، بل إن بعضهم أصبح يرتب جدوله بناء على ما سيتناوله! غريبٌ جداً أن تجد أحدهم اعتاد عليه بطريقة باتت تؤثر سلباً في حياته، على الرغم من أن هناك طرقاً معينة يمكنهم معها الاستفادة وأخذه من دون الحاجة لذلك كله، ربما لو أنهم فكروا في التنوع والتغيير حتى يدركوا أنه ليس البصل وحده ما يجعل للطعام لذة وطعماً، ماذا لو انقرض البصل؟ في العقود المنصرمة، تعامل البعض مع البترول كما يتعامل هؤلاء مع البصل، فأصبح هو الأساس، وبناء عليه يخططون جميع مجريات حياتهم، من أصغر شيء وأبسطه فيها إلى أعظمه، تعاملوا معه وكأنه المصدر الوحيد للراحة والدخل بحيث لم يستطيعوا مع هذه النمطية في التفكير أن يؤمنوا أنه سيتوجب عليهم أن يعيشوا دونه يوماً ما، لذلك كانت دائرة التطور لديهم محدودة ومعاكسه للتوجهات التي طرحتها حكوماتهم، لم يفهموا تماماً ماهية التغيير الذي كانت تنبه به دائماً قياداتهم، لذلك تبدو لهم اليوم بعض التطورات الاقتصادية وغيرها غريبة، بينما في الحقيقة، هم الذين كانوا غرباء تماماً عنها. لا تتعلق بشيء ما بشكل تام حتى تخنق نفسك، لا بد من أن تعلم أن هنالك دائماً طرقاً أخرى للحياة. [email protected]