السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الأخلاق العارية

بعض أصحاب العقول التي تُهَيّئ لنا أنها راقية وأن أجسادهم هي الباقية فتطهروا من العيوب ولا يريدون منا مشاهدة الثقوب، كأن الشخص منهم يَظُن أنه يرتدي ثوباً بلا رقعة وهو في الواقع تفوح منه رائحة النفاق في كل بُقعَة .. فلماذا يتجردُ من صفاته ليصنع حياته على الاعتلاء وينظر إلى الآخرين على أنهم ليسوا من النبلاء؟، ولا يوجد شخص يتصف بهذه الصفات إلا من يحمل الأخلاق العارية فتراه تارةً يتنازل عن تقديره للآخرين وتارةً أخرى يضحي بكرامته على حساب شخصٍ مهم. تعلمنا منذ الصغر أن هناك صفات للخالق وحده .. فلماذا يظن البعض أنه لا يوجد من يعادلهم مكانة وأن أياً منهم هو المهم في زمانه ومكانه؟، فهل حقاً عجزت الأرحام أن تنجب مثل ذلك المتباهي في دنيا تحكم على الإنسان بعطائه ونقائه، وليس من يُبَذِر على ملذاته فيتقرب من صاحب المصلحة، ويهرب منه الإنسان صاحب الكرامة، وينطق بالخطأ ويقول الحقيقة أمامه بني جنسه رسالة سلام بيضاء كالحمام. إذا نظرنا إلى المرآة فسنرى هيئتنا الحقيقية بوضوح .. الوجه العين الأنف والجسم، ولكن ما لا نستطيع رؤيته وهو ملك لنا هي الأخلاق والمخلوق الداخلي الذي يخاطب الناس من الناحية الحسية والعقلية، فربما ينصف بالأحكام إذا كان حكيماً، وربما يكون متسرعاً فلا يصيب. لا يمكن للأصيل فينا أن تُسْلبَ منه عزة النفس. لماذا لا نفكر قليلاً ونعطي للأمر حقه وأهميته؟ إلى متى سيكون الشخص متغطرساً مع غيره ولا يعطيه أهمية إلا لمن يحمل مثله من الصفات أو شخصاً طيباً فيعطيه طرف اللسانِ حلاوةً ويروغ عنك كما يروغ الثعلبُ (للشافعي)؟ يقول نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) .. التقوى والعمل الصادق والأقرب إلى ربِ العباد، وليس المال الذي تملكه ولا ذلك الكرسي الذي تجلس عليه، فهو ليس ملكٌ لَكَ وحدك. البعض الآن يقرأ ويتمنى ألا يكون واحداً من هؤلاء الأشرار لأن العاقل يخشى الجبار ويريد سلك طريق الأخيار، والبعض سيقرأ وهو يشعر بِغُصّةٍ في قلبه لأنه يعرف أن هذا دربه، ولكن نسي ربه فتبع كِبره فلا يريد أن يسقط في حُفرةٍ عميقة، فهو مُتَيقن أنه لن يجد أحداً يساعده ولا يمد يده لأنه قطع خُلُقَ الفطنة عن الواقع، فلن يكون هناك دافع من الناس لتسامح أو لتصافح، فإلى متى سيدرك هؤلاء أن الناس تنظر إليهم نظرة شفقة وهم الأقرب إلى الصدقة لأن «أخلاقهم عارية»؟